الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **
*3* الشرح: قوله: (باب قوله: وهذا تفسير سورة هود. وإنما ذكره هنا لتفسير قوله، تغيض الأرحام، فإنها من هذه المادة. وروى عبد بن حميد من طريق أبي بشر عن مجاهد في قوله: ثم روى من طريق منصور عن الحسن قال: الغيض ما دون تسعة أشهر، والزيادة ما زادت عليها يعني في الوضع. ثم ذكر المصنف حديث ابن عمر في مفاتح الغيب وقد تقدم في سورة الأنعام، ويأتي له تفسير سورة لقمان ويشرح هناك إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلَّا اللَّهُ وَلَا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ إِلَّا اللَّهُ وَلَا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي الْمَطَرُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ وَلَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ وَلَا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا اللَّهُ الشرح: قوله: (حدثني إبراهيم بن المنذر حدثنا معن عن مالك) قال أبو مسعود: تفرد به إبراهيم بن المنذر، وهو غرب عن مالك. قلت: قد أخرجه الدار قطني رواية عبد الله بن جعفر البرمكي عن معن، ورواه أيضا من طريق القعنبي عن مالك لكنه اختصره. قلت: وكذا أخرجه الإسماعيلي من طريق ابن القاسم عن مالك قال الدار قطني: ورواه أحمد بن أبي طيبة عن مالك عن نافع عن ابن عمر فوهم فيه إسنادا ومتنا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَادٍ دَاعٍ وَقَالَ مُجَاهِدٌ صَدِيدٌ قَيْحٌ وَدَمٌ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَيَادِيَ اللَّهِ عِنْدَكُمْ وَأَيَّامَهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ رَغِبْتُمْ إِلَيْهِ فِيهِ يَبْغُونَهَا عِوَجًا يَلْتَمِسُونَ لَهَا عِوَجًا وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ أَعْلَمَكُمْ آذَنَكُمْ رَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ هَذَا مَثَلٌ كَفُّوا عَمَّا أُمِرُوا بِهِ مَقَامِي حَيْثُ يُقِيمُهُ اللَّهُ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ وَرَائِهِ قُدَّامَهُ جَهَنَّمُ لَكُمْ تَبَعًا وَاحِدُهَا تَابِعٌ مِثْلُ غَيَبٍ وَغَائِبٍ بِمُصْرِخِكُمْ اسْتَصْرَخَنِي اسْتَغَاثَنِي يَسْتَصْرِخُهُ مِنْ الصُّرَاخِ وَلَا خِلَالَ مَصْدَرُ خَالَلْتُهُ خِلَالًا وَيَجُوزُ أَيْضًا جَمْعُ خُلَّةٍ وَخِلَالٍ اجْتُثَّتْ اسْتُؤْصِلَتْ الشرح: قوله: (سورة إبراهيم عليه الصلاة والسلام - بسم الله الرحمن الرحيم) سقطت البسملة لغير أبي ذر. قوله: (وقال ابن عباس: هاد داع) كذا في جميع النسخ، وهذه الكلمة إنما وقعت في السورة التي قبلها في قوله تعالى ومن طريق أبي العالية قال: الهادي القائد. ومن طريق مجاهد وقتادة أيضا: الهادي نبي، وهذا أخص من الذي قبله. ويحمل القوم في الآية في هذه الأقوال على العموم. ومن طريق عكرمة وأبي الضحى ومجاهد أيضا قال: الهادي محمد، وهذا أخص من الجميع، والمراد بالقوم على هذا الخصوص أي هذه الأمة. والمستغرب ما أخرجه الطبري بإسناد حسن من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال " لما نزلت هذه الآية وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره وقال: أنا المنذر، وأومأ إلى علي وقال أنت الهادي بك يهتدي المهتدون بعدي " فإن ثبت هذا فالمراد بالقوم أخص من الذي قبله أي بني هاشم مثلا. وأخرج ابن أبي حاتم وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند وابن مردويه من طريق السدي عن عبد خير عن علي قال: الهادي رجل من بني هاشم. قال بعض رواته: هو علي. وكأنه أخذه من الحديث الذي قبله. وفي إسناد كل منهما بعض الشيعة، ولو كان ذلك ثابتا ما تخالفت رواته. قوله: (وقال مجاهد: صديد قيح ودم) سقط هذا لأبي ذر، وصله الفريابي بسنده إليه في قوله: قوله: (وقال ابن عيينة وأخرج عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والنسائي، وكذا ذكره ابن أبي حاتم من طريق ابن عباس عن أبي بن كعب قال: إن الله أوحى إلى موسى وذكرهم بأيام الله، قال: نعم الله. وأخرجه عبد الرزاق من حديث ابن عباس بإسناد صحيح فلم يقل عن أبي بن كعب. قوله: (وقال مجاهد من كل ما سألتموه رغبتم إليه فيه) وصله الفريابي في قوله: قوله: (تبغونها عوجا تلتمسون لها عوجا) كذا وقع هنا للأكثر، ولأبي ذر قبل الباب الذي يليه وصنيعهم أولى لأن هذا من قول مجاهد فذكره مع غيره من تفاسيره أولى، وقد وصله عبد بن حميد من طريق ابن نجيح عن مجاهد في قوله: (وتبغونها عوجا) قال تلتمسون لها الزيغ، وذكر يعقوب بن السكيت أن العوج بكسر العين في الأرض والدين، وبفتحها في العود ونحوه مما كان منتصبا. قوله: (ولا خلال مصدر خاللته خلالا، ويجوز أيضا جمع خلة وخلال) كذا وقع فيه فأوهم أنه من تفسير مجاهد، وإنما هو من كلام أبي عبيدة، قال في قوله تعالى وروى الطبري من طريق قتادة قال: علم الله أن في الدنيا بيوعا وخلالا يتخالون بها في الدنيا، فمن كان يخالل الله فليدم عليه وإلا فسينقطع ذلك عنه، وهذا يوافق من جعل الخلال في الآية جمع خلة. قوله: (وإذ تأذن ربكم: أعلمكم آذنكم) كذا للأكثر، ولأبي ذر أعلمكم ربكم، قال أبو عبيدة في قوله تعالى ونقل أبو علي الفارسي أن بعض العرب يجعل أذن وتأذن بمعنى واحد. قلت: ومثله قولهم تعلم موضع أعلم وأوعد وتوعد وقيل إن إذ زائدة فإن المعنى اذكروا حين تأذن ربكم وفيه نظر. قوله: (أيديهم في أفواههم، هذا مثل كفوا عما أمروا به) قال أبو عبيدة في قوله: وقد تعقبوا كلام أبي عبيدة فقيل: لم يسمع من العرب رد يده في فيه إذا ترك الشيء الذي كان يريد أن يفعله، وقد روى عبد بن حميد من طريق أبي الأحوص عن عبد الله قال: عضوا على أصابعهم، وصححه الحاكم وإسناده صحيح، ويؤيده الآية الأخرى وقال الشاعر " يردون في فيه غيظ الحسود " أي يغيظون الحسود حتى يعض على أصابعه وقيل المعنى رد الكفار أيدي الرسل في أفواههم بمعنى أنهم امتنعوا من قبول كلامهم، أو المراد بالأيدي النعم أي ردوا نعمة الرسل وهي نصائحهم عليهم لأنهم إذا كذبوها كأنهم ردوها من حيث جاءت. قوله: (مقامي حيث يقيمه الله بين يديه) قال أبو عبيدة في قوله: قلت: وفيه قول آخر قال الفراء أيضا إنه مصدر لكن قال إنه مضاف للفاعل أي قيامي عليه بالحفظ. قوله: (من ورائه قدامه جهنم) قال أبو عبيدة في قوله: قوله: (لكم تبعا واحدها تابع مثل غيب وغائب) هو قول أبي عبيدة أيضا، وغيب بفتح الغين المعجمة والتحتانية بعدها موحدة. قوله: (بمصرخكم، استصرخني استغاثني، يستصرخه من الصراخ) سقط هذا لأبي ذر، قال أبو عبيدة قوله: (اجتثت استؤصلت) هو قول أبي عبيدة أيضا أي قطعت جثثها بكمالها. وأخرجه الطبري من طريق سعيد عن قتادة مثله، ومن طريق العوفي عن ابن عباس: ضرب الله مثل الشجرة الخبيثة بمثل الكافر، يقول: الكافر لا يقبل عمله ولا يصعد، فليس له أصل ثابت في الأرض ولا فرع في السماء ومن طريق الضحاك قال في قوله ما لها من قرار أي ما لها أصل ولا فرع ولا ثمرة ولا منفعة، كذلك الكافر ليس يعمل خيرا ولا يقول خيرا، ولم يجعل الله فيه بركة ولا منفعة *3* الشرح: قوله: (باب قوله كشجرة طيبة أصلها ثابت الآية) كذا لأبي ذر، وساق غيره إلى (حين) وسقط عندهم " باب قوله " ثم ذكر حديث ابن عمر. الحديث: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَخْبِرُونِي بِشَجَرَةٍ تُشْبِهُ أَوْ كَالرَّجُلِ الْمُسْلِمِ لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا وَلَا وَلَا وَلَا تُؤْتِي أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا يَتَكَلَّمَانِ فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ النَّخْلَةُ فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِعُمَرَ يَا أَبَتَاهُ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ قَالَ لَمْ أَرَكُمْ تَكَلَّمُونَ فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا قَالَ عُمَرُ لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا الشرح: قوله: (تشبه أو كالرجل المسلم) شك من أحد رواته، وأخرجه الإسماعيلي من الطريق التي أخرجها منها البخاري بلفظ " تشبه الرجل المسلم " ولم يشك، وقد تقدم شرح الحديث مستوفي في كتاب العلم، وقد تقدم هناك البيان الواضح بأن المراد بالشجرة في هذه الآية النخلة، وفيه رد على من زعم أن المراد بها شجرة الجوز الهندي. وقد أخرجه ابن مردويه من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف في قوله: وقوله: (أصلها ثابت) أي لا ينقطع، وقوله: وللحاكم من حديث أنس " الشجرة الطيبة النخلة والشجرة الخبيثة الحنظلة". *3* الحديث: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِي الْقَبْرِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ الشرح: ذكر فيه حديث البراء مختصرا، وقد تقدم في الجنائز أتم سياقا واستوفيت شرحه في ذلك الباب. *3* كَقَوْلِهِ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا الْبَوَارُ الْهَلَاكُ بَارَ يَبُورُ قَوْمًا بُورًا هَالِكِينَ الشرح: قوله: (باب ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا: ألم تر ألم تعلم، كقوله ألم تر إلى الذين خرجوا) زاد غير أبي ذر " ألم تر كيف " وهذا قول أبي عبيدة بلفظه. قوله: (البوار الهلاك، بار يبور بورا، قوما بورا: هالكين) هو كلام أبي عبيدة. ثم ذكر حديث ابن عباس فيمن نزلت فيه الآية مختصرا، وقد تقدم مستوفي مع شرحه في غزوة بدر. وروى الطبري من طريق أخرى عن ابن عباس أنه سأل عمر عن هذه الآية فقال: من هم قال هم الأفجران من بني مخزوم وبني أمية أخوالي وأعمامك، فأما أخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر، وأما أعمامك فأملى الله لهم إلى حين. ومن طريق علي قال: هم الأفجران بنو أمية وبنو المغيرة، فأما بنو المغيرة فقطع الله دابرهم يوم بدر، وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين. وهو عند عبد الرزاق أيضا والنسائي وصححه الحاكم. قلت: المراد بعضهم لا جميع بني أمية وبني بني مخزوم لم يستأصلوا يوم بدر، بل المراد بعضهم كأبي جهل من بني مخزوم وأبي سفيان من بني أمية وَقَالَ مُجَاهِدٌ صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ الْحَقُّ يَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ وَعَلَيْهِ طَرِيقُهُ لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَعَمْرُكَ لَعَيْشُكَ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ أَنْكَرَهُمْ لُوطٌ وَقَالَ غَيْرُهُ كِتَابٌ مَعْلُومٌ أَجَلٌ لَوْ مَا تَأْتِينَا هَلَّا تَأْتِينَا شِيَعٌ أُمَمٌ وَلِلْأَوْلِيَاءِ أَيْضًا شِيَعٌ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُهْرَعُونَ مُسْرِعِينَ لِلْمُتَوَسِّمِينَ لِلنَّاظِرِينَ سُكِّرَتْ غُشِّيَتْ بُرُوجًا مَنَازِلَ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لَوَاقِحَ مَلَاقِحَ مُلْقَحَةً حَمَإٍ جَمَاعَةُ حَمْأَةٍ وَهُوَ الطِّينُ الْمُتَغَيِّرُ وَالْمَسْنُونُ الْمَصْبُوبُ تَوْجَلْ تَخَفْ دَابِرَ آخِرَ لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ الْإِمَامُ كُلُّ مَا ائْتَمَمْتَ وَاهْتَدَيْتَ بِهِ الصَّيْحَةُ الْهَلَكَةُ الشرح: قوله: (تفسير سورة الحجر - بسم الله الرحمن الرحيم) كذا لأبي ذر عن المستملي، وله عن غيره بدون لفظ " تفسير " وسقطت البسملة للباقين. قوله: (وقال مجاهد صراط على مستقيم الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه) وصله الطبري من طرق عنه مثله وزاد " لا يعرض على شيء " ومن طريق قتادة ومحمد بن سيرين وغيرهما أنهم قرءوا على بالتنوين على أنه صفة للصراط أي رفيع. قلت: وهي قراءة يعقوب. قوله: (لبإمام مبين على الطريق) وروى الطبري من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: ومن رواية سعيد عن قتادة قال. طريق واضح، وسيأتي له تفسير آخر. (تنبيه) : سقط هذا والذي قبله لأبي ذر إلا عن المستملي. قوله: (وقال ابن عباس: لعمرك لعيشك) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. قوله: (قوم منكرون، أنكرهم لوط) وصله ابن أبي حاتم أيضا من الوجه المذكور. (تنبيه) : سقط هذا والذي قبله لأبي ذر قوله: (كتاب معلوم أجل) كذا لأبي ذر فأوهم أنه من تفسير مجاهد، ولغيره: وقال غيره كتاب معلوم أجل، وهو تفسير أبي عبيدة قال في قوله: قوله: (لوما هلا تأتينا) قال أبو عبيدة في قوله: (لوما تأتينا) مجازها هلا تأتينا. قوله: (شيع أمم والأولياء أيضا شيع) قال أبو عبيدة في قوله: (شيع الأولين) أي أمم الأولين واحدتها شيعة، والأولياء أيضا شيع أي يقال لهم شيع. وروى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله قال الطبري. وقال لأولياء الرجل أيضا شيعة. قوله: (وقال ابن عباس يهرعون مسرعين) كذا أوردها هنا، وليست من هذه السورة وإنما هي في سورة هود، وقد وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. قوله: (للمتوسمين للناظرين) تقدم شرحه في قصة لوط من أحاديث الأنبياء. (تنبيه) : سقط هذا والذي قبله لأبي ذر أيضا. قوله: (سكرت غشيت) كذا لأبي ذر فأوهم أنه من تفسير مجاهد، وغيره يوهم أنه من تفسير ابن عباس، لكنه قول أبي عبيدة، وهو بمهملة ثم معجمة وذكر الطبري عن أبي عمرو بن العلاء أنه كان يقول: هو مأخوذ من سكر الشراب، قال: ومعناه غشني أبصارنا مثل السكر. ومن طريق مجاهد والضحاك قوله سكرت أبصارنا قال سدت. ومن طريق قتادة قال: سحرت. ومن وجه آخر عن قتادة قال: سكرت بالتشديد سددت وبالتخفيف سحرت انتهى. وهما قراءتان مشهورتان، فقرأها بالتشديد الجمهور، وابن كثير بالتخفيف، وعن الزهري بالتخفيف، لكن بناها للفاعل. قوله: (لعمرك لعيشك) كذا ثبت هنا لبعضهم، وسيأتي لهم في الأيمان والنذور مع شرحه. قوله: (وإنا له لحافظون قال مجاهد عندنا) وصله ابن المنذر، ومن طريق ابن أبي نجيح عنه وهو في بعض نسخ الصحيح. قوله: (بروجا منازل للشمس والقمر، لواقح ملافح، حمأ جماعة حماة وهو الطين المتغير، والمسنون المصبوب) كذا ثبت لغير أبي ذر وسقط له، وقد تقدم مع شرحه في بدء الخلق. قوله: (لا توجل لا تخف، دابر آخر) تقدم شرح الأول في قصة إبراهيم وشرح الثاني في قصة لوط من أحاديث الأنبياء. وسقط لأبي ذر هنا. قوله: (لبإمام مبين، الإمام ما ائتممت به واهتديت) هو تفسير أبي عبيدة. قوله: (الصيحة الهلكة) هو تفسير أبي عبيدة، وقد تقدمت الإشارة إليه في قصة لوط من أحاديث الأنبياء *3* الحديث: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَالسِّلْسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ قَالَ عَلِيٌّ وَقَالَ غَيْرُهُ صَفْوَانٍ يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعِ وَمُسْتَرِقُو السَّمْعِ هَكَذَا وَاحِدٌ فَوْقَ آخَرَ وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُمْنَى نَصَبَهَا بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ الْمُسْتَمِعَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ فَيُحْرِقَهُ وَرُبَّمَا لَمْ يُدْرِكْهُ حَتَّى يَرْمِيَ بِهَا إِلَى الَّذِي يَلِيهِ إِلَى الَّذِي هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ حَتَّى يُلْقُوهَا إِلَى الْأَرْضِ وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الْأَرْضِ فَتُلْقَى عَلَى فَمْ السَّاحِرِ فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَيُصَدَّقُ فَيَقُولُونَ أَلَمْ يُخْبِرْنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا لِلْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنْ السَّمَاءِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ وَزَادَ وَالْكَاهِنِ و حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ فَقَالَ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ وَقَالَ عَلَى فَمْ السَّاحِرِ قُلْتُ لِسُفْيَانَ آنْتَ سَمِعْتَ عَمْرًا قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ لِسُفْيَانَ إِنَّ إِنْسَانًا رَوَى عَنْكَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيَرْفَعُهُ أَنَّهُ قَرَأَ فُرِّغَ قَالَ سُفْيَانُ هَكَذَا قَرَأَ عَمْرٌو فَلَا أَدْرِي سَمِعَهُ هَكَذَا أَمْ لَا قَالَ سُفْيَانُ وَهِيَ قِرَاءَتُنَا الشرح: ذكر فيه حديث أبي هريرة في قصة مسترقي السمع، أورده أولا معنعنا ثم ساقه بالإسناد بعينه مصرحا فيه بالتحديث وبالسماع في جميعه، وذكر فيه اختلاف القراءة في في الإلمام به في أواخر الطب وفي كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى. *3* الشرح: قوله: (باب قوله ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين) ذكر فيه حديث ابن عمر في النهي عن الدخول على المعذبين، وقوله "إلا أن تكونوا باكين " ذكر ابن التين أنه عند الشيخ أبي الحسن بائين بهمزة بدل الكاف، قال: ولا وجه له الحديث: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَصْحَابِ الْحِجْرِ لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ الشرح: ذكر فيه حديث ابن عمر في النهي عن الدخول على المعذبين، وقوله "إلا أن تكونوا باكين " ذكر ابن التين أنه عند الشيخ أبي الحسن بائين بهمزة بدل الكاف، قال: ولا وجه له ند الشيخ أبي الحسن بائين بهمزة بدل الكاف، قال: ولا وجه له *3* الشرح: قوله باب قوله: الحديث: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُصَلِّي فَدَعَانِي فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْتُ ثُمَّ أَتَيْتُ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَنِي فَقُلْتُ كُنْتُ أُصَلِّي فَقَالَ أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ثُمَّ قَالَ أَلَا أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَذَكَّرْتُهُ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ الشرح: ثم ساقه من حديث أبي هريرة في قصة أبي بن كعب كما تقدم في تفسير الفاتحة. القرآن وهو مبتدأ وخبره محذوف أو خبر مبتدأ محذوف تقديره والقرآن العظيم ما عداها، وليس هو معطوفا على قوله " السبع المثاني " لأن الفاتحة ليست هي القرآن العظيم، وإنما جاز إطلاق القرآن عليها لأنها من القرآن لكنها ليست هي القرآن كله. ثم وجدت في تفسير ابن أبي حاتم من طريق أخرى عن أبي هريرة مثله لكن بلفظ " والقرآن العظيم الذي أعطيتموه أي هو الذي أعطيتموه " فيكون هذا هو الخبر. وقد روى الطبري بإسنادين جيدين عن عمر ثم علي قال " السبع المثاني فاتحة الكتاب " زاد عن عمر " تثني في كل ركعة " وبإسناد منقطع عن ابن مسعود مثله، وبإسناد حسن عن ابن عباس أنه قرأ الفاتحة ثم قال ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال: السبع المثاني فاتحة الكتاب. قلت للربيع: إنهم يقولون إنها السبع الطوال، قال: لقد أنزلت هذه الآية وما نزل من الطوال شيء. وهذا الذي أشار إليه هو قول آخر مشهور في السبع الطوال، وقد أسنده النسائي والطبري والحاكم عن ابن عباس أيضا بإسناد قوي، وفي لفظ للطبري: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف، قال الراوي: ذكر السابعة فنسيتها. وفي رواية صحيحة عند ابن أبي حاتم عن مجاهد وسعيد ابن جبير أنها يونس. وعند الحاكم أنها الكهف، وزاد: قيل له ما المثاني؟ قال: تثني فيهن القصص. ومثله عن سعيد بن جبير عن سعيد بن منصور. وروى الطبري أيضا من طريق خضيف عن زياد بن أبي مريم قال في قوله: ورجح الطبري القول الأول لصحة الخبر فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. الحديث: حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمُّ الْقُرْآنِ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الشرح: حديث أبي هريرة في قصة أبي بن كعب كما تقدم في تفسير الفاتحة. *3* الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ حَلَفُوا وَمِنْهُ لَا أُقْسِمُ أَيْ أُقْسِمُ وَتُقْرَأُ لَأُقْسِمُ وَقَاسَمَهُمَا حَلَفَ لَهُمَا وَلَمْ يَحْلِفَا لَهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ تَقَاسَمُوا تَحَالَفُوا الشرح: قوله: (باب الذين جعلوا القرآن عضين) قيل إن (عضين) جمع عضو، فروى الطبري من طريق الضحاك قال في قوله: ومن طريق عكرمة قال: العضه السحر بلسان قريش، تقول للساحرة العاضهة، أخرجه ابن أبي حاتم. وروى ابن أبي حاتم أيضا من طريق عطاء مثل قول الضحاك ولفظه: عضوا القرآن أعضاء، فقال بعضهم ساحر وقال آخر مجنون وقال آخر كاهن، فذلك العضين. ومن طريق مجاهد مثله وزاد: وقالوا أساطير الأولين. ومن طريق السدي قال: قسموا القرآن واستهزءوا به فقالوا: ذكر محمد البعوض والذباب والنمل والعنكبوت، فقال بعضهم أنا صاحب البعوض وقال آخر أنا صاحب النمل وقال آخر أنا صاحب العنكبوت، وكان المستهزئون خمسة: الأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب والعاصي بن وائل والحارث بن قيس والوليد بن المغيرة. ومن طريق عكرمة وغيره في عد المستهزئين مثله، ومن طريق الربيع بن أنس مثله وزاد بيان كيفية هلاكهم في ليلة واحدة. قوله: (المقتسمين الذين حلفوا، ومنه لا أقسم أي أقسم، وتقرأ لأقسم، وقاسها حلف لهما ولم يحلفا له. وقال مجاهد: تقاسموا تحالفوا) قلت هكذا جعل المقتسمين من القسم بمعنى الحلف والمعروف أنه من القسمة وبه جزم الطبري وغيره، وسياق الكلام يدل عليه، وقوله: (الذين جعلوا) هو صفة للمقتسمين، وقد ذكرنا أن المراد أنهم قسموه وفرقوه. وقال أبو عبيدة: وقاسهما، حلف لهما. وقال أيضا أبو عبيدة الذي يكثر المصنف نقل كلامه: من المقتسمين الذين اقتسموا وفرقوا، قال: وقوله عضين أي فرقوه عضوه أعضاء. قال رؤبة " وليس دين الله بالمعضي " أي بالمفرق، وأما قوله " ومنه لا أقسم إلخ " فليس كذلك، أي فليس هو من الاقتسام بل هو من القسم، وإنما قال ذلك بناء على ما اختاره من أن المقتسمين من القسم. وقال أبو عبيدة في قوله: واختلف المعربون في " لا " فقيل زائدة وإلى هذا يشير كلام أبي عبيدة، وتعقب بأنها لا تزاد إلا في أثناء الكلام، وأجيب بأن القرآن كله كالكلام الواحد، وقيل هو جواب شيء محذوف، وقيل نفي على بابها وجوابها محذوف والمعنى لا أقسم بكذا بل بكذا، وأما قراءة لأقسم بغير ألف فهي رواية عن ابن كثير، واختلف في اللام فقيل هي لام القسم وقيل لام التأكيد، واتفقوا على إثبات الألف في التي بعدها وأما قول مجاهد تقاسموا تحالفوا فهو كما قال، وقد أخرجه الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عنه في قوله: الحديث: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ قَالَ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ الشرح: قوله: (عن ابن عباس الذين جعلوا القرآن عضين) يعني في تفسير هذه الكلمة، وقد ذكرت ما قيل في أصل اشتقاقها أول الباب. قوله: (هم أهل الكتاب) فسره في الرواية الثانية فقال " اليهود والنصارى " وقوله " جزءوه أجزاء " فسره في الرواية الثانية فقال " آمنوا ببعض وكفروا ببعض" الحديث: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ قَالَ آمَنُوا بِبَعْضٍ وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى الشرح: قوله في الرواية الثانية (عن أبي ظبيان) بمعجمة ثم موحدة هو حصين بن جندب، وليس له في البخاري عن ابن عباس سوى هذا الحديث *3* الشرح: قوله: (باب قوله: قلت: لا يلزم البخاري ذلك، وقد أخرج النسائي حديث بعجة عن أبي هريرة رفعه " خير ما عاش الناس به رجل ممسك بعنان فرسه " الحديث، وفي آخره " حتى يأتيه اليقين ليس هو من الناس إلا في خير " فهذا شاهد جيد لقول سالم، ومنه قوله تعالى رُوحُ الْقُدُسِ جِبْرِيلُ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ فِي ضَيْقٍ يُقَالُ أَمْرٌ ضَيْقٌ وَضَيِّقٌ مِثْلُ هَيْنٍ وَهَيِّنٍ وَلَيْنٍ وَلَيِّنٍ وَمَيْتٍ وَمَيِّتٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ تَتَهَيَّأُ سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا لَا يَتَوَعَّرُ عَلَيْهَا مَكَانٌ سَلَكَتْهُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي تَقَلُّبِهِمْ اخْتِلَافِهِمْ وَقَالَ مُجَاهِدٌ تَمِيدُ تَكَفَّأُ مُفْرَطُونَ مَنْسِيُّونَ وَقَالَ غَيْرُهُ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ هَذَا مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ وَذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَمَعْنَاهَا الِاعْتِصَامُ بِاللَّهِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تُسِيمُونَ تَرْعَوْنَ شَاكِلَتِهِ نَاحِيَتِهِ قَصْدُ السَّبِيلِ الْبَيَانُ الدِّفْءُ مَا اسْتَدْفَأْتَ تُرِيحُونَ بِالْعَشِيِّ وَ تَسْرَحُونَ بِالْغَدَاةِ بِشِقِّ يَعْنِي الْمَشَقَّةَ عَلَى تَخَوُّفٍ تَنَقُّصٍ الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً وَهِيَ تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ وَكَذَلِكَ النَّعَمُ الْأَنْعَامُ جَمَاعَةُ النَّعَمِ أَكْنَانٌ وَاحِدُهَا كِنٌّ مِثْلُ حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ سَرَابِيلَ قُمُصٌ تَقِيكُمْ الْحَرَّ وَأَمَّا سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ فَإِنَّهَا الدُّرُوعُ دَخَلًا بَيْنَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ لَمْ يَصِحَّ فَهُوَ دَخَلٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَفَدَةً مَنْ وَلَدَ الرَّجُلُ السَّكَرُ مَا حُرِّمَ مِنْ ثَمَرَتِهَا وَالرِّزْقُ الْحَسَنُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ صَدَقَةَ أَنْكَاثًا هِيَ خَرْقَاءُ كَانَتْ إِذَا أَبْرَمَتْ غَزْلَهَا نَقَضَتْهُ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ الْأُمَّةُ مُعَلِّمُ الْخَيْرِ وَالْقَانِتُ الْمُطِيعُ الشرح: قوله: (بسم الله الرحمن الرحيم - سورة النحل) سقطت البسملة لغير أبي ذر. قوله: (روح القدس جبريل، نزل به الروح الأمين) أما قوله روح القدس جبريل فأخرجه ابن أبي حاتم بإسناد رجاله ثقات عن عبد الله بن مسعود، وروى الطبري من طريق محمد بن كعب القرظي قال: روح القدس جبريل، وكذا جزم به أبو عبيدة وغير واحد. وأما قوله " نزل به الروح الأمين " فذكره استشهادا لصحة هذا التأويل، فإن المراد به جبريل اتفاقا، وكأنه أشار إلى رد ما رواه الضحاك عن ابن عباس قال: روح القدس الاسم الذي كان عيسى يحيي به الموتى، أخرجه ابن أبي حاتم وإسناده ضعيف. قوله: (وقال ابن عباس: في تقلبهم في اختلافهم) وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عنه مثله، ومن طريق سعيد عن قتادة " في تقلبهم " يقول في أسفارهم. قوله: (وقال مجاهد: تميد تكفأ) هو بالكاف وتشديد الفاء مهموز، وقيل بضم أوله وسكون الكاف. وقد وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: وروى الطبري من حديث علي بإسناد حسن موقوفا قال: لما خلق الله الأرض قمصت، قال فأرسى الله فيها الجبال، وهو عند أحمد والترمذي من حديث أنس مرفوع. قوله: (مفرطون منسيون) وصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: ومن طريق سعيد عن قتادة قال: معجلون. قال الطبري: ذهب قتادة إلى أنه من قولهم أفرطنا فلانا إذا قدموه فهو مفرط ومنه " أنا فرطكم على الحوض " قلت وهذا كله على قراءة الجمهور بتخفيف الراء وفتحها وقرأها نافع بكسرها وهو من الإفراط، وقرأها أبو جعفر بن القعقاع بفتح الفاء وتشديد الراء مكسورة أي مقصرون في أداء الواجب مبالغون في الإساءة. قوله: (في ضيق يقال أمر ضيق وأمر ضيق مثل هين وهين ولين ولين وميت وميت) قال أبو عبيدة في قوله تعالى وقرأ ابن كثير هنا وفي النمل بالكسر والباقون بالفتح، فقيل على لغتين، وقيل المفتوح مخفف من ضيق أي في أمر ضيق. واعترضه الفارسي بأن الصفة غير خاصة بالموصوف فلا يدعى الحذف. قوله: (قال ابن عباس: تتقيأ ظلاله تتهيأ) كذا فيه والصواب تتميل، وقد تقدم بيانه في كتاب الصلاة. قوله: (سبل ربك ذللا لا يتوعر عليها مكان سلكته) رواه الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله، ويتوعر بالعين المهملة، وذللا حال في السبل أي ذللها الله لها، وهو جمع ذلول قال تعالى قوله: (القانت المطيع) سيأتي في آخر السورة، قوله: (وقال غيره قوله: (ومعناها) أي معنى الاستعاذة (الاعتصام بالله) هو قول أبي عبيدة أيضا. قوله: (وقال ابن عباس تسيمون ترعون) روى الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى وقال أبو عبيدة، أسمت الإبل رعيتها، وسامت هي رعت. قوله: (شاكلته ناحيته) كذا وقع هنا وإنما هو في السورة التي تليها، وقد أعاده فيها. ووقع في رواية أبي ذر عن الحموي " نيته " بدل ناحيته وسيأتي الكلام عليها هناك. قوله: (قصد السبيل البيان) وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن أبي عباس في قوله: ومن طريق العوفي عن ابن عباس مثله وزاد: البيان بيان الضلالة والهدى. قوله: (الدفء ما استدفأت به) قال أبو عبيدة: الدفء ما استدفأت به من أوبارها ومنافع ما سوى ذلك، وروى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: ومن طريق مجاهد قال: لباس ينسج. ومن طريق قتادة مثله. قوله: (تخوف تنقص) وصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: وروى بإسناد فيه مجهول عن عمر أنه سأل عن ذلك فلم يجب. فقال عمر: ما رأى إلا أنه على ما ينتقصون من معاصي الله، قال فخرج رجل فلقي أعرابيا فقال: ما فعل فلان؟ قال تخوفته - أي تنقصته - فرجع فأخبر عمر، فأعجبه " وفي شعر أبي كثير الهذلي ما يشهد له. وروى ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس (على تخوف) قال: على تنقص من أعمالهم، وقيل التخوف تفعل من الخوف. قوله: (تريحون بالعشي وتسرحون بالغداة) قال أبو عبيدة في قوله: قوله: (الأنعام لعبرة، هي تؤنث وتذكر، وكذلك النعم الأنعام جماعة النعم) قال أبو عبيدة في قوله وأنكر الفراء تأنيث النعم وقال: إنما يقال: هذا نعم، ويجمع على نعمان بضم أوله مثل حمل وحملان. قوله: (أكنانا واحدها كن، مثل حمل وأحمال) هو تفسير أبي عبيدة، وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله: (أكنانا) قال: غيرانا من الجبال يسكن فيها. قوله: (بشق يعني المشقة) قال أبو عبيدة في قوله: وروى الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: (تنبيه) قرأ الجمهور بكسر الشين من شق، وقرأها أبو جعفر بن القعقاع بفتحها، قال أبو عبيدة: هما بمعنى، وأنشد. وذو إبل تسعى ويحبسها له أخو نصب من شقها وذءوب قال الأثرم صاحب أبي عبيدة: سمعته بالكسر والفتح. وقال الفراء: معناهما مختلف، فبالكسر معناه ذابت حتى صارت على نصف ما كانت وبالفتح المشقة انتهى. وكلام أهل التفسير يساعد الأول. قوله: (سرابيل قمص تقيكم الحر، وأما سرابيل تقيكم بأسكم فإنها الدروع) قال أبو عبيدة في قوله تعالى وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله تعالى قوله: (دخلا بينكم، كل شيء لم يصح فهو دخل) هو قول أبي عبيدة أيضا، وروى ابن أبي حاتم من طريق سعيد عن قتادة قال (دخلا) خيانة، وقيل الدخل الداخل في الشيء ليس منه. قوله: (وقال ابن عباس: حفدة من ولد الرجل) وصله الطبري من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: (بنين وحفدة) قال: الولد وولد الولد، وإسناده صحيح. وفيه عن ابن عباس قول آخر أخرجه من طريق العوفي عنه قال: هم بنو امرأة الرجل. وفيه عنه قول ثالث أخرجه من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: الحفدة والأصهار. ومن طريق عكرمة عن ابن عباس قال: الأختان. وأخرج هذا الأخير عن ابن مسعود بإسناد صحيح، ومن طريق أبي الضحى وإبراهيم وسعيد بن جبير وغيرهم مثله، وصحح الحاكم حديث ابن مسعود. وفيه قول رابع عن ابن عباس أخرجه الطبري من طريق أبي حمزة عنه قال: من أعانك فقد حفدك. ومن طريق عكرمة قال: الحفدة الخدام. ومن طريق الحسن قال: الحفدة البنون وبنو البنين، ومن أعانك من أهل أو خادم فقد حفدك. وهذا أجمع الأقوال، وبه تجتمع، وأشار إلى ذلك الطبري. وأصل الحفد مداركة الخطو والإسراع في المشي، فأطلق على من يسعى في خدمة الشخص ذلك. قوله: (السكر ما حرم من ثمرتها، والرزق الحسن ما أحل) وصله الطبري بأسانيد من طريق عمرو بن سفيان عن ابن عباس مثله وإسناده صحيح، وهو عند أبي داود في " الناسخ " وصححه الحاكم، ومن طريق سعيد بن جبير عنه قال: الرزق الحسن الحلال، والسكر الحرام، ومن طريق سعيد بن جبير ومجاهد مثله وزاد أن ذلك كان قبل تحريم الخمر، وهو كذلك لأن سورة النحل مكية. ومن طريق قتادة: السكر خمر الأعاجم. ومن طريق الشعبي وقيل له في قوله: واختار الطبري هذا القول وانتصر له. قوله: (وقال ابن عيينة عن صدقة (أنكاثا) هي خرقاء كانت إذا أبرمت غزلها نقضته) وصله ابن أبي حاتم عن أبيه عن ابن عمر العدني، والطبري من طريق الحميدي كلاهما عن ابن عيينة عن صدقة عن السدي قال: كانت بمكة امرأة تسمى خرقاء، فذكر مثله. وفي " تفسير مقاتل " أن اسمها بطة بنت عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وعند البلاذري أنها والدة أسد " بن عبد العزى بن قصي، وأنها بنت سعد بن تميم بن مرة. وفي " غرر التبيان " أنها كانت تغزل هي وجواريها من الغداة إلى نصف النهار ثم تأمرهن بنقض ذلك، هذا دأبها لا تكف عن الغزل ولا تبقي ما غزلت. وروى الطبري من طريق ابن جريج عن عبد الله بن كثير مثل رواية صدقة المذكور، ومن طريق سعيد عن قتادة قال: هو مثل ضربه الله تعالى لمن نكث عهده. وروى ابن مردويه بإسناد ضعيف عن ابن عباس أنها نزلت في أم زفر الآتي ذكرها في كتاب الطب، والله أعلم. وصدقة هذا لم أر من ذكره في رجال البخاري، وقد أقدم الكرماني فقال: صدقة هذا هو ابن الفضل المروزي شيخ البخاري، وهو يروي عن سفيان بن عيينة، وهنا روى عنه سفيان، ولا سلف له فيما ادعاه من ذلك، ويكفي في الرد عليه ما أخرجناه من تفسير ابن جرير وابن أبي حاتم من رواية صدقة هذا عن السدي، فإن صدقة بن الفضل المروزي ما أدرك السدي ولا أصحاب السدي، وكنت أظن أن صدقة هذا هو ابن أبي عمران قاضي الأهواز لأن لابن عيينة عنه رواية، إلى أن رأيت في " تاريخ البخاري " صدقة أبو الهذيل، روى عن السدي قوله روى عنه ابن عيينة، وكذا ذكره ابن حبان في " الثقات " من غير زيادة، وكذا ابن أبي حاتم عن أبيه لكن قال: صدقة بن عبد الله بن كثير القارئ صاحب مجاهد، فظهر أنه غير ابن أبي عمران، ووضح أنه من رجال البخاري تعليقا، فيستدرك على من صنف في رجاله فإن الجميع أغفلوه، والله أعلم. قوله: (وقال ابن مسعود: الأمة معلم الخير؛ والقانت المطيع) وصله الفريابي وعبد الرزاق وأبو عبيد الله في " المواعظ " والحاكم كلهم من طريق الشعبي عن مسروق عن عبد الله بن مسعود قال: " قرئت عنده هذه الآية *3* الشرح: قوله: (باب قوله تعالى: ومنكم من يرد إلى أرذل العمر) ذكر فيه حديث أنس في الدعاء بالاستعاذة من ذلك وغيره، وسيأتي شرحه في الدعوات الحديث: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُوسَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَعْوَرُ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْبُخْلِ وَالْكَسَلِ وَأَرْذَلِ الْعُمُرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ الشرح: شعيب الراوي عن أنس هو ابن الحبحاب بمهملتين وموحدتين، وروى ابن أبي حاتم من طريق السدي قال: أرذل العمر هو الخرف. وروى ابن مردويه من حديث أنس أنه مائة سنة. الشرح: قوله: (سورة بني إسرائيل - بسم الله الرحمن الرحيم) ثبتت البسملة لأبي ذر. الحديث: حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ إِنَّهُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَهُزُّونَ وَقَالَ غَيْرُهُ نَغَضَتْ سِنُّكَ أَيْ تَحَرَّكَتْ الشرح: (لا يوجد شرح لهذا الحديث) . *3* أَخْبَرْنَاهُمْ أَنَّهُمْ سَيُفْسِدُونَ وَالْقَضَاءُ عَلَى وُجُوهٍ وَقَضَى رَبُّكَ أَمَرَ رَبُّكَ وَمِنْهُ الْحُكْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ وَمِنْهُ الْخَلْقُ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ خَلَقَهُنَّ نَفِيرًا مَنْ يَنْفِرُ مَعَهُ وَلِيُتَبِّرُوا يُدَمِّرُوا مَا عَلَوْا حَصِيرًا مَحْبِسًا مَحْصَرًا حَقَّ وَجَبَ مَيْسُورًا لَيِّنًا خِطْئًا إِثْمًا وَهُوَ اسْمٌ مِنْ خَطِئْتَ وَالْخَطَأُ مَفْتُوحٌ مَصْدَرُهُ مِنْ الْإِثْمِ خَطِئْتُ بِمَعْنَى أَخْطَأْتُ تَخْرِقَ تَقْطَعَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى مَصْدَرٌ مِنْ نَاجَيْتُ فَوَصَفَهُمْ بِهَا وَالْمَعْنَى يَتَنَاجَوْنَ رُفَاتًا حُطَامًا وَاسْتَفْزِزْ اسْتَخِفَّ بِخَيْلِكَ الْفُرْسَانِ وَالرَّجْلُ وَالرِّجَالُ الرَّجَّالَةُ وَاحِدُهَا رَاجِلٌ مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ وَتَاجِرٍ وَتَجْرٍ حَاصِبًا الرِّيحُ الْعَاصِفُ وَالْحَاصِبُ أَيْضًا مَا تَرْمِي بِهِ الرِّيحُ وَمِنْهُ حَصَبُ جَهَنَّمَ يُرْمَى بِهِ فِي جَهَنَّمَ وَهُوَ حَصَبُهَا وَيُقَالُ حَصَبَ فِي الْأَرْضِ ذَهَبَ وَالْحَصَبُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْحَصْبَاءِ وَالْحِجَارَةِ تَارَةً مَرَّةً وَجَمَاعَتُهُ تِيَرَةٌ وَتَارَاتٌ لَأَحْتَنِكَنَّ لَأَسْتَأْصِلَنَّهُمْ يُقَالُ احْتَنَكَ فُلَانٌ مَا عِنْدَ فُلَانٍ مِنْ عِلْمٍ اسْتَقْصَاهُ طَائِرَهُ حَظَّهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ حُجَّةٌ وَلِيٌّ مِنْ الذُّلِّ لَمْ يُحَالِفْ أَحَدًا الشرح: قوله: (وقضينا إلى بني إسرائيل أخبرناهم أنهم سيفسدون،) والقضاء على وجوه: (قضى ربك) أمر، ومنه الحكم وفي قوله: (وقضى ربك) أي أمر. وفي قوله: وفي قوله: وقد بين أبو عبيدة بعض الوجوه التي يرد بها لفظ القضاء وأغفل كثيرا منها، واستوعبها إسماعيل بن أحمد النيسابوري في " كتاب الوجوه والنظائر " فقال لفظة (قضى) في الكتاب العزيز جاءت على خمسة عشر وجها: الفراغ وذكر غيره القدر المكتوب في اللوح المحفوظ كقوله: وبعض هذه الأوجه متداخل، وأغفل أنه يرد بمعنى الانتهاء وتفسير (قضى ربك أن لا تعبدوا) بمعنى وصى منقول من مصحف أبي بن كعب أخرجه الطبري، وأخرجه أيضا من طريق قتادة قال: هي في مصحف ابن مسعود ووصى، ومن طريق مجاهد في قوله: وقضى قال: وأوصى ومن طريق الضحاك أنه قرأ " ووصى " وقال: ألصقت الواو بالصاد فصارت قافا فقرئت وقضى، كذا قال واستنكروه منه. وأما تفسيره بالأمر كما قال أبو عبيدة فوصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، ومن طريق الحسن وقتادة مثله، وروى ابن أبي حاتم من طريق ضمرة عن الثوري قال: معناه أمر ولو قضى لمضى، يعني لو حكم. وقال الأزهري: القضاء مرجعه إلى انقطاع الشيء وتمامه. ويمكن رد ما ورد من ذلك كله إليه. وقال الأزهري أيضا: كل ما أحكم عمله أو ختم أو أكمل أو وجب أو ألهم أو أنفذ أو مضى فقد قضى. وقال في قوله تعالى: والقضاء يتعدى بنفسه، وإنما تعدى بالحرف في قوله تعالى: قوله: (نفيرا من ينفر معه) قال أبو عبيدة في قوله: (أكثر نفيرا) قال: الذين ينفرون معه. وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله: قوله: (ميسورا لينا) قال أبو عبيدة في قوله: وروى الطبري من طريق إبراهيم النخعي في قوله: وروى ابن أبي حاتم من طريق محمد بن أبي موسى عن ابن عباس في قوله تعالى: ومن طريق السدي قال: تقول نعم وكرامة، وليس عندنا اليوم. ومن طريق الحسن: تقول: سيكون إن شاء الله تعالى. قوله: (خطأ إثما وهو اسم من خطئت، والخطأ مفتوح مصدره من الإثم خطئت بمعنى أخطأت) قال أبو عبيدة في قوله: (كان خطئا كبيرا) أي إثما، وهو اسم من خطئت، فإذا فتحته فهو مصدر، قال الشاعر: دعيني إنمـا خطئي وصوبي علي وإنما أملكت مالي ثم قال: وخطئت وأخطأت لغتان، وتقول العرب: خطئت إذا أذنبت عمدا، وأخطأت إذا أذنبت على غير عمد، واختار الطبري القراءة التي بكسر ثم سكون وهي المشهورة. ثم أسند عن مجاهد في قوله: (خطئا) قال: خطيئة، قال: وهذا أولى لأنهم كانوا يقتلون أولادهم على عمد لا خطأ فنهوا عن ذلك، وأما القراءة بالفتح فهي قراءة ابن ذكوان، وقد أجابوا عن الاستبعاد الذي أشار إليه الطبري بأن معناها إن قتلهم - كان غير صواب، تقول: أخطأ يخطئ خطأ إذا لم يصب، وأما قول أبي عبيدة الذي تبعه فيه البخاري حيث قال: خطئت بمعنى أخطأت ففيه نظر، فإن المعروف عند أهل اللغة أن خطئ بمعنى أثم، وأخطأ إذا لم يتعمد أو إذا لم يصب. قوله: (حصيرا محبسا محصرا) أما محبسا فهو تفسير ابن عباس، وصله ابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عنه في قوله: وقال أبو عبيدة في قوله: (حصيرا) قال: محصرا. قوله: (تخرق تقطع) قال أبو عبيدة في قوله تعالى: قوله: (وإذ هم نجوى، مصدر من ناجيت فوصفهم بها، والمعنى يتناجون) كذا فيه. وقال أبو عبيدة في قوله: ويحتمل أن يكون على حذف مضاف أي وهم ذوو نجوى، أو هو جمع نجي كقتيل وقتلى. قوله: (رفاتا حطاما) قال أبو عبيدة في قوله: (رفاتا) أي حطاما أي عظاما محطمة، وروى الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: قوله: (واستفزز استخف، بخيلك الفرسان، والرجل والرجال والرجالة واحدها راجل، مثل صاحب وصحب وتاجر وتجر) هو كلام أبي عبيدة بنصه، وتقدم شرحه في بدء الخلق وروى ابن أبي حاتم من طريق مجاهد في قوله: (واستفزز) قال استنزل. قوله: (حاصبا الريح العاصف، والحاصب أيضا ما ترمي به الريح، ومنه حصب جهنم يرمى به في جهنم وهم حصبها؛ ويقال حصب في الأرض ذهب والحاصب مشتق من الحصباء الحجارة) تقدم في صفة النار من بدء الخلق، قال أبو عبيدة في قوله: (ويرسل عليكم حاصبا) أي ريحا عاصفا تحصب، ويكون الحاصب من الجليد أيضا قال الفرزدق: " بحاصب كنديف القطن منثور " وفي قوله: (حصب جهنم) كل شيء ألقيته في النار فقد حصبتها به، وروى ابن أبي حاتم من طريق سعيد عن قتادة قال: قوله: (تارة أي مرة، والجمع تير وتارات) هو كلام أبي عبيدة أيضا، وقوله: والجمع تير بكسر المثناة الفوقانية وفتح المثناة التحتانية، وروى ابن أبي حاتم من طريق شعبة عن قتادة في (تارة أخرى) قال: مرة أخرى. قوله: (لأحتنكن لأستأصلنهم، يقال احتنك فلان ما عند فلان من علم استقصاه) تقدم شرحه في بدء الخلق، وروى سعيد بن منصور من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: (لأحتنكن) قال: لأحتوين قال: يعني شبه الزناق. قوله: (وقال ابن عباس: كل سلطان في القرآن فهو حجة) وصله ابن عيينة في تفسيره عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس، وهذا على شرط الصحيح، ورواه الفريابي بإسناد آخر عن ابن عباس وزاد " وكل تسبيح في القرآن فهو صلاة". قوله: (ولي من الذل لم يحالف أحدا) وروى الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: *3* الشرح: قوله: (باب قوله: أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام) لم يختلف القراء في (أسرى) بخلاف قوله في قصة لوط (فأسر) فقرئت بالوجهين، وفيه تعقب على من قال من أهل اللغة أن أسرى وسرى بمعنى واحد، قال السهيلي: السرى من سريت إذا سرت ليلا يعني فهو لازم، والإسراء يتعدى في المعني لكن حذف مفعوله حتى ظن من ظن أنهما بمعنى واحد، وإنما معني (أسرى بعبده) جعل البراق يسري به كما تقول أمضيت كذا بمعنى جعلته يمضي، لكن حسن حذف المفعول لقوة الدلالة عليه أو الاستغناء عن ذكره، لأن المقصود بالذكر المصطفى لا الدابة التي سارت به. وأما قصة لوط فالمعنى سر بهم على ما يتحملون عليه من دابة ونحوها، هذا معنى القراءة بالقطع، ومعنى الوصل سر بهم ليلا، ولم يأت مثل ذلك في الإسراء لأنه لا يجوز أن يقال سرى بعبده بوجه من الوجوه انتهى. والنفي الذي جزم به إنما هو من هذه الحيثية التي قصد فيها الإشارة إلى أنه سار ليلا على البراق، وإلا فلو قال قائل: سرت بزيد بمعنى صاحبته لكان المعنى صحيحا. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ ح و حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ قَالَ جِبْرِيلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ الشرح: حديث أبي هريرة " أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به بإيلياء بقدحين " وقد تقدم شرحه في السيرة النبوية، ويأتي في الأشربة. وذكر فيه أيضا حديث جابر قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لما كذبتني قريش " كذا للأكثر، وللكشميهني كدبني بغير مثناة. الحديث: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ قُمْتُ فِي الْحِجْرِ فَجَلَّى اللَّهُ لِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ زَادَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ حِينَ أُسْرِيَ بِي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ نَحْوَهُ قَاصِفًا رِيحٌ تَقْصِفُ كُلَّ شَيْءٍ الشرح: حديث أبي هريرة " أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به بإيلياء بقدحين " وقد تقدم شرحه في السيرة النبوية، ويأتي في الأشربة. وذكر فيه أيضا حديث جابر قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لما كذبتني قريش " كذا للأكثر، وللكشميهني كدبني بغير مثناة.
|